٢٠٠٩/٠٨/٣١

اللهم أنصر أم بلال!

كارل دونالد بوستروم هو كاتب صحفى سويدى مهتم بتسجيل أحداث القضية الفلسطينية منذ أكثر من عشرين عاما. ولقد أثارت مقالته المدعومة بالصور والتى شاهد احداثها بنفسه عن سرقة أعضاء الشاب الفلسطينى بلال أحمد غانم بعد قتله عن ثورة عارمة فى المجتمع الصهيونى الأسرائيلى. فلماذا ثار المجتمع الصهيونى الأسرائيلى؟ هل الثورة العارمة التى أنتابت الحكومة الصهيونية ومستوطنين فلسطين المحتلة من الصهاينة هى نوع من المبالغة؟ بالطبع لا فالجريمة خطيرة وعميقة وخسيسة وتكشف أرهاب دولة كاملة وعملية واسعة ومنظمة. وكيف أن أسرائيل تستخدم جيشها لقتل شباب الفلسطينين وجهازها الطبى لسرقة أعضاء هؤلاء الشباب وشبكتها المنتشرة فى العالم كله لتوزيع تلك الأعضاء. فهى جريمة من الوضاعة والدنائة التى لم يأت التاريخ بمثلها بعد. فهم يدركون ذلك ويخافون منه. ولم يطلب الكاتب كارل بوستروم سوى التحقيق لأثبات عكس ذلك ولكنهم أنهالوا عليه وعلى جريدته وعلى حكومته وعلى السويد كلها بالقصيدة المعروفة بمعاداة السامية التى أعتقد أن العالم قد مل منها. فأسرائيل هو نظام وليست السامية. أما على الجانب العربى والأسلامى وعلى حد علمى لم تتحرك أية قناة عربية بتغطية ذات قيمة لهذه الأحداث سوى الجزيرة. ولم تتحرك حكومة عربية واحدة تطالب بالتحقيق. كل ما أطلبه من حكوماتنا هو"المطالبة بالتحقيق" . لم تتحرك حكومة السيد محمود عباس وكأن الموضوع يحدث على كوكب آخر. لم تتحرك الحكومة المصرية فالموضوع "شأن داخلى" فلسطينى طبعا ولا يصح لنا التدخل فيه. هكذا يريدونا أن نعتقد وأن نفكر. ولكن دعنى أذكر حكومة مصر الموقرة بشهدائنا المغدور بهم بدم بارد فى سيناء بعد حرب 67 ولم يبذل أية مجهود للتحقيق فى الموضوع على الرغم من أن خبر قتل الأسرى المصريين جاء على صفحات صحف صهيونية أسرائيلية.

وأنا كأب يفتقد صغيريه منذ أكثر من الف يوم أشعر تماما بما تشعر به أم بلال. فالألم الذي يتملكها ليس فقط الم فقدان أبنها ولكنه أيضا ألم العجز عن الدفاع عن جثمانه من الأعتداء عليه. فهى لم تتمكن من دفن أبنها بجثمان مجروح كامل. لا بل بجثمان مسروق أعضائه فقد فتح وأغلق جسد فلذة كبدها الشهيد بلال بلا أنسانية كما فى الصور المنشورة. فكيف لأم بلال أن تتحمل إغتصاب أعضاء جسد أبنها بالطبع بالأضافة لقتله؟ والألم الذى يطغى فوق هذا البحر من الآلام هو الم العجز عن المطالبة بالحق.

أليس لهذه السيدة من نصير؟ أنتركها يتملكها الألم؟ أنتركها غارقة فى آلامها ما تبقى من عمرها؟
هل الحكم بالعجز هو النهاية المحتومة لكل ما نشعر به تجاه بلادنا وتجاه أسرنا وتجاه أولادنا؟
هل هذا الشعور المخزى بالعجز هو ما تريده حكوماتنا أن نشعر به؟ أليس من حقنا أن نشعر بالقوة وبالفخر لكوننا عرب مسلمون؟
أم أن الشعور بالفخر والقوة حكر على انصار الصهيونية سواء كانوا من اليهود أو من غيرهم؟
ودعونى أكرر أن حكوماتنا لا يعنيها من أمرنا شئ. كل ما يعنيهم مظهرهم أمام الغرب أو بدقة أمام القوى السياسية بالولايات المتحدة الأميركية. وتلك هى نفس القوى التى تناصر أسرائيل بلا حدود أو منطقية. وكأن حكوماتنا تسعى الى أرضاء أسرائيل أو من هم وراء أسرائيل.

٢٠٠٩/٠٨/٢٤

هل معتقداتى وهم؟ هل القدس وهم؟ هل طفلاى على وسديم وهم؟

أشاهد الآن برنامج بقناة الجزيرة عن القدس. ورأيت الشيخ رائد صلاح وهو يتحدث عن التجاهل وغض النظر العربى والمسلم عما يحدث فى القدس وكأن القدس هى مشكلة فلسطينية لا علاقة لى بها لأنى مصرى مثلا. فلا حق لى كمصرى أن افكر فى القدس فهى مسألة فلسطينية بحتة. ولا حق لمسلم من ماليزيا أن يفكر فى القدس لأنها مشكلة فلسطينية "داخلية" وليست مشكلة ماليزية. هكذا يريدونى ويريدوا من كل منا أن نرى ما يحدث فى القدس الآن من تهويد وتهجير للسكان العرب أصحاب الأرض وبناء مستوطنات . وكأن كل ما تعلمته وآمنت به عن الحق وعن القدس هو معتقد شخصى لا يمت بصلة الى البلد الذى ولدت فيه وعشت فيه أنا وأخوانى وأبائى وأجدادى. فما يحدث فى القدس من أعتداءات متكررة ومستمرة ومنظمة على المسجد الأقصى المبارك لا يحرك ساكنا فى مصر.

وعندما أطالب بحقى فى طفلاى على وسديم وحق طفلاى فى أبيهم أواجه نفس التجاهل وغض النظر من كل الجهات الرسمية فى مصر. وكأن حقى فى أولادى وحق أولادى فى أبيهم ليس بموضوع يخص أى أنسان فى مصر الا أنا. وكأن كل ما علمتنى أمى وما تعلمته هى من أمها وأبيها عن حق الأب وحق الأم وحقوق الأطفال فى ابيهم وحق الأباء على الأولاد وكأن كل هذا وهم لا يعتقد فيه أحد الا أنا. رأيت كيف أن المجلس القومى للمرأة وبتمويل أمريكى يفرض علينا فكر ومعتقدات ليست بأفكارنا ولا معتقداتنا وينظر الى معتقداتنا وأفكارنا وكأنها تخلف لأنها لا تتطابق مع النموذج الغربى الذى لم يعد لنا الحق الا فى تقبله. فأى نموذج آخر هو تخلف فكرى وتخلف عن مسايرة العصر. وعندها يقوم المجلس القومى للمرأة بالتقدم بمشاريع قوانين ليصدق عليها مجلس الشعب المصرى بسرعة فائقة. وتبدأ منظومة أخرى من المعاناة من تطبيق و تنفيذ هذه القوانين.

وهنا رأيت التشابه الصارخ بين تناول القضايا والمعتقدات الأنسانية الأساسية فى مصر على المستوى الداخلى وعلى المستوى الخارجى. فالقضايا والمعتقدات التى تهمنى والتى نشأت عليها والتى تهم أهلى وأصدقائى وتهم الغالبية العظمى من أهل مصر ليست على قائمة الأهمية عند السيد رئيس مصر ولا السيد رئيس وزرائها ولا أى وزير ولا أى مسئول فى مصر. وكأن معتقداتى وحقوقى هو خيال أطالب به فى فراغ لا يرى فيه هذا الحق الا انا وأمثالى ولكن الدولة لا ترى ذلك على الأطلاق. فحقى فى أولادى وحقى أولادى فى أبيهم وحقى فى القدس هو محض خيال أو رفاهية فكرية لا تستحق الأنتباه لها ولا حتى التعليق عليها.

أثار عندى هذا التوجه مشاعر أستنكارية متشابهة عندما أفكر فى القدس أو أفكر فى المطالبة بحقى فى أولادى على وسديم وحق على وسديم فى أبيهما.
وهنا بدا لى هذا السؤال
هل هناك علاقة بين ما يحدث فى القدس وما يحدث لأطفالى؟

أحمد الدملاوى